العطاء الحقيقي

طباعة

 

العطاء الحقيقي

فَجَاءَتْ أَرْمَلَةٌ فَقِيرَةٌ وَأَلْقَتْ فَلْسَيْنِ، قِيمَتُهُمَا رُبْعٌ .43فَدَعَا تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ لَهُمُ:«الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِيرَةَ قَدْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ أَلْقَوْا فِي الْخِزَانَةِ،44لأَنَّ الْجَمِيعَ مِنْ فَضْلَتِهِمْ أَلْقَوْا. وَأَمَّا هذِهِ فَمِنْ إِعْوَازِهَا أَلْقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا، كُلَّ مَعِيشَتِهَا».

ظهر تكريس هذه الأرملة في تناقض واضح مع جشع الكتبة. فهم يأكلون بيوت الأرامل، أما هي فأعطت كل ما عندها للرب. وتُبيِّن هذه الحادثة معرفة الربّ يسوع بكل شيء. فعندما كان يراقب الأغنياء وهم يلقون عطايا كثيرة في صندوق خزانة الهيكل، عرف أن عطاياهم لم تصدر عن أي تضحية. فقد أعطوا من فضلتهم. وأعلن – وهو عالم أن الفلسين اللذين أعطتهما كانا كل معيشتها – أنها أعطت أكثر من جميع الذين ألقوا. فقد دفعت بحسب قيمة العملة مقدارًا ضئيلاً جدًّا، لكنّ الرب يقدر عطاءنا بحسب الدافع، والطريقة، وكم بقي لنا. وهذا تشجيع عظيم لمن عنده القليل، ولكن عنده رغبة عظيمة في العطاء لله. ومن العجيب إننا نستحسن عمل الأرملة ونوافق على حكم المخلِّص دون أن نقتدي بها! فلو آمنّا حقًّا بما نقول إننا آمنّا به، لفعلنا تمامًا كما فعلت هي. لقد عبّرت هديتها عن اقتناعها بأن كل شيء هو ملك للرب، وأنه يستحق الكل، وينبغي أن يكون له الكل. ربما ينتقدها كثير من المسيحيين هذه الأيام لأنها لم تهتم بتأمين احتياجات المستقبل. أَمَا أظهر تكريسها أنها تفتقر إلى الحكمة والتدبير؟ هكذا يجادلون! ولكن حياة الإيمان هي هذه: توظيف كل شيء في عمل الله الآن والثقة به من أجل المستقبل. أَلَم يعد بأن يعتني بالذين يطلبون أولاً ملكوت الله وبرّه (مت6: 33)؟ هل هذا التعليم جوهري؟ هل هو ثورويّ؟ سيفوتنا التنبّه إلى نقاط التشديد في خدمة المسيح، إذا لم ندرك أن تعاليمه جوهرية وثورويّة