(1) قال أحد الحكماء: إذا أردت أن تسافر براً ففكر مرة! وإذا أردت أن تسافر بحراً ففكر مرتين!! وإذا أردت أن تسافر جواً ففكر ثلاث مرات!!! وأما إن أردت أن تتزوج ففكر سبع مرات!!
(2) يوجد مثل إيراني يقول: »إذا ذهبت لسفر فادعُ اللّه مرة.. وإذا ذهبت لحرب فادع اللّه مرتين.. وأما إذا أردت الزوجة فادع اللّه ثلاث مرات!«.
(أ-1) أسئلة قبل الخطبة:
(1) التفكير والعلم المسبق : يحسن بالخطيب الذي يختار خطيبته، أو الخطيبة التي تختار خطيبها أن يضعا الأمور الآتية قبل اختيارهما لتجعلهما أن يفكرا في خطورة الأمر:
* إن الشريك الآخر سيكون زميلنا طول العمر: إنْ بصحة جيدة أو سقام، بأخلاق فاضلة
أو بأخلاق رديئة، إن بعلم أو بجهل. * إن الشريك الآخر سيكون أماً أو أباً لأولادنا، وهم أعز من لنا في هذه الحياة، سيكونون المدرسة الأولى لتربيتهم، فإما أن يخرجوا منهم أفضل ما يكون من الأولاد إذا كان اختيارنا هو الأفضل، أو شيئاً رديئاً مماثلاً لاختيارنا الردئ. إن الظواهر قد لا تكون مثل البواطن،فعلينا أن نحذر الاندفاع الجنوني أو العاطفي، أو مجرد اقتراح أحد الناس ولو كان أعز الناس عندنا بدون فحص أو تمحيص في أمر هو أخطر شأن من شؤون الحياة. إن هذا الاختيار سيقرر مصيرنا في المجتمع إلى أبعد الحدود،وهو إما أن يكون دافعاً إلى السعادة والنجاح أو إلى الشقاء والفشل. إن هذا سيكون له مساهمته في تقرير ذات مصيرنا الأبدي بما سيطبعه فينا من أخلاق بتفاعلنا مع الشريك الآخر.. فلنعلم يقيناً أن اختيارنا للشريك الآخر هو أعظم اختيار لنا بعد اختيار تسليم حياتنا للّه.
(أ-2) منشأ الزواج : سُئل أحد خدام اللّه: هل كل زواج من اللّه؟ فأجاب: كلا، بل ...
* يوجد زواج من الشيطان، يتمم به مآربه، كزواج أخآب بإيزابل. * ويوجد زواج من البشر، بتدخل الجسد والتسرع، كزواج إبراهيم بهاجر، مما سبب له ولسارة ولهاجر وولدها متاعب. * ويوجد زواج من اللّه رأساً كزواج إسحق برفقة. لذلك يجب أن نحترس لئلا نسقط في نوع الزواج الأول أو الثاني... بل يكون
زواجنا كالنوع الثالث بترتيب اللّه وبإرشاده.
(أ-3) الصفات الخارجية والداخلية للفتاة : قيل عن الفيلسوف المشهور جان جاك روسو إنه كان جالساً ذات يوم يتحدث مع إحدى السيدات وكانت من معارفه، فسألته ما هي الصفات الخارجية والداخلية التي يجوز لكل فتاة أن تتزيّن بها إنْ أرادت الإقتران وأحبت أن ترضي زوجها وتجعله فيلسوفاً. فأخذ الفيلسوف ورقة وكتب فيها الآتي: الجمال (صفر). المهارة في التدبير المنـزلي (صفر). العلم والمواهب العقلية (صفر). الحسب والنسب (صفر). الصلاح القلبي (1). فنظرت السيدة إلى هذا الجدول وذُهلت لأنها لم تفهم شيئاً. ثم قالت للفيلسوف: »لعلك تمزح«. فأجابها: »بل إن ما ذكرته هو الحق، وإليك جلاء الغامض: إذا كان للفتاة قلب صالح، فهو لها أساس تستطيع أن تبني عليه باقي الصفات والمزايا الحسنة. وقد قدَّرتُ هذه الميزة الأساسية برقم (1)،...
- فإذا هي أضافت إلى صلاح القلب جمالاً، فإنها تكون أضافت إلى الواحد صفراً فتصير قيمتها (10) - وإذا أضافت إلى هاتين الصفتين عقلاً راجحاً فتكون قد أضافت إلى العشرة صفراً آخر فتصير (100). - وإذا إضافت إلى ذلك المهارة في التدبير المنـزلي أصبحت قيمتها (1000).
وعليه فيكون صلاح القلب هو الأساس لكل هذه القيم، وبدونه تكون كل صفات المرأة ومزاياها أصفاراً بجوار بعضها، لا قيمة لها إلا بإضافة الواحد الذي هو الصلاح القلبي أساس كل الصفات والطيبة والفضائل«.
(أ-4) من يقترن بالشريك يقترن باسرته أيضا : قال أحدهم: لا يمكن أن نتصور أن إنساناً عاقلاً يغفل عن أنه عندما يقترن بشريكة حياته يقترن أيضاً بكامل أسرتها:
(1) من جهة سمعتها
(2) وأمراضها الوراثية
(3) وأخلاق أفرادها التي لا شك أنها حفرت عميقاً في حياة زوجته، وستؤثر حتماً في
نسله في المستقبل. وقال آخر إنك بارتباطك بعائلة بالزواج إما أن تضع نفسك في وجه المدفع، في وجه عائلة متعبة أو مشاكسة، أو تربح عائلة، تصبح أنت ابناً جديداً عزيزاً من أبنائها، كما أن أسرتك تربح بنتاً جديدة عزيزة تُضاف إلى عِداد بنيها وبناتها. وويل لمن كانت حماته شريرة، وخؤولة أولاده أثيمة وخالات وعمات عياله شاذات، فإنه يجني مر أثمار الكدر منهن جميعاً. وطوبى لمن كان هؤلاء كلهم من فضلاء القوم، فإنه يجني منهن أحلى الثمار له ولجميع أفراد عائلته...
(أ-5) الرجل الذي تريده الفتاة : قالت فتاة: إنني لا أريد الرجل الذي يريد مني مجرد أن أرعاه وأنظم له حياته، ولا الرجل الذي أقف إلى جانبه كدمية جميلة يتباهى بحيازتها، ولكني أريد الرجل الذي يتجاوب معي عقلاً وروحاً وجسداً.
(أ-6) اسئلة للفتاة عن شريك الحياة : وضع أحدهم هذه الأسئلة التي يجب أن تسألها الشابة قبل أن تُقدم على اختيار شريك الحياة:
(1) هل عمله هادئ، أم يحتاج إلى جهد ينهكه؟
(2) هل هو حر التصرف بعد انتهاء ساعات العمـل المحددة؟ أم يجب أن يكون مستعداً
للعمل في كل لحظة، ولا يشعر مطلقاً بأن له وقتاً خالياً يتصرف فيه كيف يشاء؟
وهل تستطيع هي أن تحتمل ذلك، أم أن هذا فوق طاقتها؟
(3) هل يقوم بعمله في مكان واحد؟ أم يضطر أحياناً إلى السفر مسافات طويلة،وأوقات كثيرة، بعيداً عن بيته؟ ماذا عن القومسيونجي (السّمسار)، والمفتش والبحّار، والواعظ المتجوّل، هل ترضى بواحد مثل هؤلاء أم خير لها أن تتنحى عن ذلك إذا لم تحتمله، ليتحمله غيرها؟ فليفكر العروسان في هذا الأمر، لأن كلاً منهما سيرهن نفسه للآخر مدى الحياة. فإمّا التضحية والرضى المتواصل، وإمّا رفض ذلك من البداءة. أما قبوله ثم التذمر عليه في ما بعد فليس من النبل أو العدل في شيء...
(أ-7) قبول الشريكة لشريكها مع عائلته: كانت مناقشة حادة بين الزوج وزوجته، قالت الزوجة: »لماذا طلبتَ من والدتك أن تأتي للبقاء عندنا؟ إن وجودها يصيبني بالعصبية. إنني أشعر أنها تنتقد كل ما أفعله أو أقوله، علاوة على أنها تفسد الأولاد بالتدليل الزائد«. وأجاب الزوج: »لا تفكري في أمر تدليل الأطفال. سأحاول أن ألفت نظر أمي إلى هذا الموضوع«. وقالت الزوجة: »لا أصدق إنك ستلفت نظر والدتك إلى أي شيء، بدليل أننا نتشاجر معاً في كل مرة تزورنا. فلماذا طلبت منها أن تحضر للبقاء فترة طويلة ندنا؟«. وأجاب الزوج: »لأنها أمي«. فقالت الزوجة: »وهل تزوجت أمك أم تزوجتك أنت؟«. فألقى الزوج على زوجته درساً يجب أن تفهمه كل زوجة.. قال: »إن المرأة عندما تتزوج فهي تتزوج الرجل وأُسرته، وهذا أمر لا يمكن الهروب منه، وخصوصاً إذا كان الزوج قد نشأ في أُسرة متماسكة مترابطة، مبنية على أساس قوي من الحب والواجب. والزوجة التي تحاول أن تفك هذه الرابطة ترتكب ذنباً كبيراً في حق زوجها، وفي حق أُسرته كلها. وكونها لا تحب أن تكون هي فرداً من هذه الأسرة، أو كونها لا تحب أن تفرض هذه الأسرة نفسها على حياتها الزوجية لا يبرر أبداً حرمان زوجها من أُسرته أو حرمان هذه الأسرة منه. إن واجب الزوج ومسؤوليته نحو والديه لا يقل بل يزيد مع الزواج ومع تقدم والديه في السن. ونفس الوضع أيضاً بالنسبة للزوجة مع والديها. وهذه المسؤولية لا يستطيع الزوج وحده أن يتحملها- كما لا تتحملها الزوجة وحدها. فالمفروض أن يتعاون الاثنان معاً على القيام بهذه المهمة نحو الطرفين. إنني أوافقك في أن وجود الحماة في البيت يسبب خلافات كثيرة بين الزوجين، ولكن إذا كان لا بد من حضور الحماة لأنها وحيدة، أو لأنها لا تجد من يرعاها، ففي هذه الحالة لا يمكن التفكير في الخلافات البسيطة التي قد تحدث بيننا. وفي حالة بقائها معنا في البيت يجب أن نتفق معاً على أسلوب معيّن في معاملتها ومساعدتها، فهذا أسلم وسيلة تضمن عدم نشوب أي سوء تفاهم بيننا. يجب أن نتفق أولاً: هل سنشعرها إنها ضيفة عندنا، أو بأنها في بيتها، ولديها مطلق الحرية في التصرف؟ إذا كنت لا تتحملين حماتك، وتعتقدين أنها تكرهك وتغار منك لأنك خطفت ابنها، فهذا يرجع إلى أنك لم تحاولي أن تبادليها الحب وأن تشعريها بعطفك واهتمامك. وحتى لو كان هذا الأمر مستحيلاً بالنسبة لك ولها، فما زلتِ أنتِ مدينةً نحوها بواجب الاحترام والرعاية، فهي أم زوجك. وبما أنك لم تتزوجي من رجل يتيم، فلا تفكري أبداً في أن تحرميه من أن يكون ابناً ما دام قد أصبح زوجاً. إن الزوجة التي تنجح في حرمان زوجها من أهله ترتكب جريمة من اثنتين: إما أن تقتل قلب الأسرة كلها، وإما أن تقضي على حياتها الزوجية، خصوصاً إذا كانت منافستها، وهي الأُم، أكثر قوة وعطفاً وحباً لابنها من الزوجة نفسها«.
(أ-8) كيف تجيء المعينة؟ كيف تأتي المعينة من عند اللّه، كما في حالة رفقة؟ (تك 24) لقد أتت : (1) عن طريق أب حكيم رفض أن يزوج ابنه من جماعة لا يثق بهم (تك 24:3) (2) استخدم رجلاً حكيماً- خادمه الأمين لعازر الدمشقي (تك 24:5-9) (3) بالاعتماد على قيادة اللّه (آية 7)
(4) واستخدمت الصلاة لطلب الإرشاد الإلهي (آية 12) (5) بالالتجاء إلى جراءة الإيمان بطلب علامة تقوية وتوضيح الأمر (آية 14) (6) وبربط الأمر وإنهائه لما توضحت الأمور (آية 24) (7) ثم تنفيذ الأمر بلا إبطاء (آيات 33-66).
ومن جهة الزوجة فقد عين الرب:
(1) زوجة امتازت بالحسب والنسب (آية 15) (2) ومحبة للعمل »جرتها على كتفها«(آية 15) (3) وبالجمال (4) والعفة (5) وجادّة غير متلكّعة »ملأت جرتها وطلعت« (آية 16) (6) وذات مروءة (آية 18) (7) وتذهب في خدمتها »الميل الثاني« فتسقي الجمال أيضاً (آية 19)
(8) وكانت نشيطة (آية 20) (9) وكانت اجتماعية لبقة تجاوب بصراحة وبأدب وبلا لعثمة (10) كما كانت كريمة ومحبة للضيافة بلا تردد (آيات 25-28).
(أ-9) شريكة الحياة المثالية : سأل شاب عاقل، والده الحكيم هذا السؤال الخطير: »يا أبي لا شك إنك تحبني وتتمنى خيري، لا سيما في أخطر أمر في حياتي، وهو الزواج... فما هي شريكة حياتي المثالية التي تود أن تكون لي؟ فسُرَّ والده وأجابه بغبطة ظاهرة، وبابتسامة حلوة راضية، »باركك الرب يا ابني. إن الزوجة المثالية بحسب فكري يجب أن تكون:
(1) مخلَّصة بنعمة المسيح، والحذر من القول »تَخْلُص فيما بعد«
(2) وأن تكون وديعة هادئة لأن الزينة الحقيقية في نظر الرب للمرأة هي (زينة الروح
الوديع الهادئ الذي هو قدام اللّه كثير الثمن«
(3) أن تكون من عائلة تقية بقدر الإمكان، لأنه يهمني أن يكون أخوال وأعمام وخالات وعمات أولادي من أتقياء القوم، وإلا عوّدوا أولاد ابني على العــادات الرديئـة وصاروا قدوة سيئة أمامهم. (4) أن تكون مدبرة لبيتها، تجيد تنظيم البيت وتنظيفه، كما تجيد طهو الطعام. (5) أن تكون على قسط مناسب من التعليم (6) أن تكون ميالة إلى الروح الاجتماعية في اعتدال، فلا تكون متهوسة ومندفعة، ولا خجولة منطوية على ذاتها، بل تقدر أن تقابل الناس وتكسب صداقة الغير، وأن تجيد إكرام الضيوف والعناية بهم. (7) بعد هذا كله حبذا لو كانت على قسط معتدل من الجمال.
(ب) - الخطبة
(ب-1) ما هي الخطبة : الخطبة هي الفترة التي تتوسط ما بين الرضى بالزواج والاتفاق عليه، إلى إتمام مراسيمه، وهي عادة تتم بعد القيام بالاستقصاءات الأولى اللازمة لرضى كل شريك بشريكه. أما الخطوبة فهي تثبيت هذه الاستقصاءات والتأكد منها عن يقين، وفيها تعارف أوثق بين الطرفين، ومحاولة عمل مقدمة للاندماج النهائي بالزواج. وقد عبر أحدهم عن الخطوبة بقول طريف هو: »إن الخطوبة هي الدهليز العظيم المؤدي إلى بهو الزواج الفخيم«.
(ب-2) مدة الخطوبة : يجب مد مدة الخطوبة أطول مدة ممكنة حتى يتاح لكل من الشريكين أن يختبر الشريك الآخر عن قرب،فإنه بعد وقت لا بد أن يظهر على سجاياه مهما حاول أن يخفي عيوبه. إن الاندفاع في الزواج مع تقصير مدة الخطوبة له خطورته. أما إن جاز القول إن في التأني السلامة، وفي العجلة الندامة في كل شيء، فهو يصدق أكثر جداً في أمر خطير كالزواج. وقد وجد أنه كلما طالت مدة الخطوبة كان الزواج أسعد، وتندر حالات الطلاق، والعكس بالعكس.
(ب-3) مصارحة:قال حكيم: »أعتقد أنه من أسباب السعادة الزوجية أن يصارح الخطيب خطيبته في كل ما يكرهه أو يحبه، وكذلك الخطيبة أيضاً تصارح زوجها في كل ما تكرهه أو ما تحبه، وذلك قبل الزواج«. أعرف طبيباً صارح زوجته وقت الخطوبة بأنه يكره:
(1) الملوخية (2) وأنه يكره في ألوان الفساتين اللون الأصفر (3) وأنه يكره أن يدخل البيت قريب لها أو له في أثناء غيابه. فعاهدته على إجابة طلبه، وكانت صادقة في وعدها. أما هي فقد صارحته أيضاً بالتالي : (1) بأنها تكره أن يمتدح هو أية سيدة أخرى مما قد يجربها بأن تشك فيه بأنه
يفضل أخرى عليها. (2) وأنها تكره أن يزور أصحابه بدونها (3) أو أن تطول سهراته خارج المنزل. وقد تعهد بإتمام رغباتها، وكان هو أيضاً صادقاً في وعوده. وهكذا عاشا سعيدين جداً، بعد أن تم زواجهما، ترفرف على بيتهما ملائكة السلام، في ربوع بيتهما السعيد.
(ب-4) أسئلة لاكتشاف محبة الخطيبين وتوافقهما معاً. قدم أحدهم هذه الأسئلة للخطيبين لاكتشاف ما بينهما من حب وتوافق:
1) هل هناك عدد كبير من الأشياء تحبان أن تشتركا في عمله معاً؟
2) هل تحس شريكتك بشعور من الضجر إذا قارنْتَ بينها وبين أخرى تعرفها؟
3) هل تحس بالقلق حين تكون بعيداً عنها أو عنه؟
4) إذا قامت بينكما مشاجرة هل تشعر بعد ذلك بأنك مرتاح لوجودكما معاً؟
5) هل لديك رغبة ملحة في إدخال السرور على قلبه أو قلبها؟ وهل يسرك أن تتنازل عن
رغباتك، وعما تفضله في هذا السبيل؟
6) هل تريد في قرارة قلبك أن تتزوج من الطرف الآخر؟
7) هل لهذا الشخص رجلاً أو امرأة، المزايا التي تريدها في أطفالك؟
8) هل يعجب أصدقاؤك بهذا الشخص، وهل يظنون أنه كفوء لك؟
9) هل يعتقد الوالدان من أن كلاً منكما يحب الآخر؟
10) هل بدأت ترسم ولو في ذهنك خطوط المستقبل؟ أي نوع من حفلات الزفاف تريد
لزواجك، وأي نوع يكون لك من الأطفال؟ هل فكرت في بيتك بعد الزواج؟
إذا كانت الأجوبة بالإيجاب فإن كلاً منكما يحب الآخر ويوافق الآخر.
(ب-5) القضاء على كل تناقص بين الخطيبين: هل قضيت على كل تناقض بينك وبين خطيبك قبل الزواج؟ ربما تكونين قد أقدمت على إتمام خطبتك على عجل دون أن تتأكدي من أنك وخطيبك متفقان في طباعكما وأفكاركما. ولكن لا تتركي الوقت يسرقك في تأثيث البيت فتتم مراسيم الزواج بنفس هذه السرعة، دون أن تحاولي التقريب بين طباعكما وأفكاركما، لأنك إن لم تقومي بهذه المهمة، في الفترة التي يكون فيها خطيبك مرناً، وعلى استعداد للتطور والتغيير، فلن تتمكني من تغيير طباعه فيما بعد. فإذا أردت أن تعرفي أولاً مدى تجاوبك أو عدم تجاوبك مع خطيبك فاسألي نفسك الأسئلة التالية:
- هل أنتما متفقان على الطريقة التي ستؤثثان بها بيتكما؟
- هل أنتما من النوع الاجتماعي الذي يحب الخروج والاختلاط بالناس ودعوتهم للبيت، أم أن واحداً منكما يفضل العزلة
- هل أنتما من النوع البسيط المرح، الذي لا يحمل أي هموم للدنيا، أم أنه على العكس في هذه الناحية. هل تواجهان المتاعب والمصاعب بروح واحدة؟
- هل تفضلان قضاء وقتكما بطريقة واحدة؟ هل أنتما متفقان في اختيار نوع معين من الأصدقاء؟ هل يضيق أحدكما بهوايات الآخر أو بعمل الآخر؟
- هل تفكران بمنطق واحد، وتشعران بنفس الإحساسات المتفائلة أو المتشائمة؟
- هل تتفقان على توزيع ميزانيتكما أم يفضل كل منكما الإنفاق على بند معين دون الآخر؟
- هل يرضى كل منكما عن تصرفات شريكه؟
- هل تجدان سهولة في التنازل عن رأيكما إذا اختلفتما في الرأي أو يتشبث كل منكما برأيه؟
إذا وجدت أن خطيبك لا يتفق معك في ثلاثة أرباع هذه الاسئلة، فحاولي بقدر الإمكان أن تتقربي من طباعه أو أن تقربيه من طباعك، ولكن لا تتغاضي عن أي فرق في شخصيتكما، لأنه إذا بدا هذا الفارق بسيطاً في فترة الخطبة فسوف يبدو كبيراً ومزعجاً بعد الزواج.
(ب-6) رفض التزوج بمن لا يحب اللّه: رفضت فتاة خطيبها لأنه هزأ بالمؤمنين. فلما وبخته قال: »إن رجل العالم لا يمكن أن يكون رجعياً حتى يعتبر اللّه والدين« فدهشت الفتاة.ولما أفاقت من دهشتها قالت له: »من هذه الدقيقة يا سيدي، التي اكتشفت فيها أنك لا تقدّر الدين، أكفّ عن أن أكون لك، لأن الذي لا يحب ويكرم اللّه لا يمكنه قط أن يحب زوجته دائماً وبإخلاص«.
(ب-7) لو انفكت الخطوبة: نعم، يجب أن لا يندم أحد الشريكين، إذا كان الشريك الآخر، قد خدعه، أو نقض الاتفاق، فربما نكتشف عاجلاً أم آجلاً أن الأمر كان لخيرنا. ويكفي ظهور الأخلاق الفاسدة من تلون وخداع دليلاً على عدم النبل وعدم الاستحقاق.
(ب-8) أخلاقيات فك الخطوبة : يحدث أن يخطب شاب شابة ثم تحدث المأساة فيفك خطبته، إما لعيب يكتشفه في خطيبته أو في أهلها، لكثرة مطاليب الخطيبة أو أهلها، أو لخلاف يدب بين الطرفين على أمر ما، لكن النبل يقضي بأنه إذا فشلت الجهود في الإصلاح بين الطرفين فالانسحاب الشريف أفضل من تجريح الطرف الآخر. وهذا ما عمله شاب نبيل، فبعد انسحابه كان يسأل: لماذا تخليت عن خطيبتك، مع أنه اكتشف فيها عيباً، كان يقول: »هكذا أراد اللّه«. وعبثاً حاول الناس أن يغروه ليدلهم على مواطن الضعف في الفتاة. ولكنه ظل نبيلاً في عدم تجريح سمعتها بشيء. أو قد تكتشف الخطيبة عيباً في خطيبها، أو لا يصلان إلى حل مشاكلهما، أو لا يتم بينهما التفاهم في شيء أو في أشياء، وهنا يحسن التراجع بحكمة ونبل لا يلحق بالشريك الآخر ضرراً، ولا يعطله عن زواج موفق يكون من نصيبه.
(ب-9) إنعكاسات فسخ الخطوبة : إن البعض إذ تُفسخ خطبتهم يشمئزون من الزواج على الإطلاق، وقد يصرون بعد ذلك على رفض الزواج بالمرة... لكن هذا هو عين الجبن والهروب من الميدان، والأجدى أن نقوم من كبوتنا، وأن نعاود التفتيش على الشريك الآخر الفاضل حتى نعثر عليه... ولماذا لا يكون فسخ الخطبة حافزاً أعظم على ذلك؟
(ج) أول أيام الزواج
أسس السعادة الزوجية : أهم ما ينبغي للعروسين إدراكه هو أن سعادتهما في الزواج لا تتوقف على ما يفعلانه قبل الزواج، بل على ما يفعلانه في السنوات التي تلي الزواج.
(ج-1) ادرسي زوجك باستمرار: إذا أردت أيتها الزوجة السعادة فادرسي زوجك، لأن دراسته هي بالنسبة لك أعظم دراسة. ادرسيه بلا انقطاع لأنه سيتغير باستمرار. وكوني فخورة بقواه وإنجازاته، ولكن حللي نقاط ضعفه أيضاً. وقد قلت لكل من ابنتيَّ قبل أن تتزوجا: »لقد أحببت. وبهرك ذكاء الرجل وثقته وجاذبيته، ومع ذلك فإن عليك أن تواجهي حالات تردده وجوانب النقص فيه. ولكن هنا فقط تستطيعين أن تحبيه حقيقة، وتقدمي له المساعدة الحقيقية، وتكوني زوجة له حقاً، لذلك يجب ألا تفزعي أو يخيب أملك عندما تكتشفين تلك الجوانب فيه بل تصرفي بحكمة«. احترمي عمله، فعندما تتزوجين رجلاً فإنك تتزوجين وظيفته أيضاً، بل إنك ترين في بعض الأحيان أن العمل يأتي قبلك. غير أن هذا لا يحدث حقاً، فإن أداء الرجل لعمله جيداً يعني بالنسبة له ما تعنيه الأمومة للمرأة... ولنفس الأسباب تقريباً. تعلمي فن الاستيعاب المليء بالحكمة والتحريات، ويبدو أن كثيراً من الزوجات الفاشلات يعتبرن أنفسهن كأن السماء قد جعلت منهن مراكز استقبال للحب، فاهتمامهن المستمر ينحصر في ملاحظة مدى الاهتمام أو الحب الذي يحصلن عليه. ولا شك أن الزوجة جديرة بالحب والوفاء، غير أنه يجب عليها كذلك أن تتهيأ لاستيعاب انفعالات زوجها في بعض الأحيان، وامتصاص ومضات الغضب المنطلقة وعدم ارتياحه لعمله، فمثل هذه الأشياء لا بد من أن تجد لها منفذاً في مكان ما. فإذا استطاعت الزوجة أن تعتبر نفسها نوعاً من مانعة الصواعق التي تنقل الخوف وخيبة الأمل دون ضرر إلى الأرض، فإنها لن تصبح ذات قيمة عظيمة بالنسبة لزوجها فحسب، بل إن شخصيتها ذاتها سوف تنمو نمواً عظيماً. وتذكري أنه حتى عندما يصبح الرجل ناجحاً ويدرك ذلك، فإن جانباً خفياً حساساً غير مطمئن فيه سيظل يحتاج على الدوام إلى التأكيد والوفاء من امرأة تحبه. وربما كان ذاك بقية في نفسه من بقايا الصبى الصغير الذي كان يتجه يوماً إلى أمه لتطمئنه. تدربي على فن الإصغاء. إن غالبية الرجال في أشد الحاجة إلى جهاز للقياس يختبرون به أفكارهم وآمالهم وأحلامهم ومطامحهم ومشكلاتهم وصراعاتهم الداخلية التي لا يستطيعون أن يحلّوها بمفردهم. إنهم في حاجة إلى أنثى تصغي إليهم، يستطيعون أن يُفْضوا إليها بدخائل أفكارهم ومشاعرهم دون خوف من السخرية أو الرفض. ويتضمن الإصغاء الخلاق، الاستجابة والتخاطب وتبادل الآراء، ولكن هناك أيضاً أوقاتاً يجب أن تلتزم فيها الزوجة الصمت، وأن تمسك لسانها وتكبح الكلمة الحادة التي يمكن أن تحيل المناقشة إلى مشاجرة، أو الموقف السيء إلى أسوأ. ولا شك أن الزوج يحمل مسؤولية متساوية، غير أنني أعتقد أن وظيفة الرجل تتمثل أساساً في ترويض العالم. أما عمل المرأة فهو السيطرة على نفسها وعلى زوجها بطريق غير مباشر.
(ج-2) دعي زوجك يعرف أنك تحتاجين إليه. منذ فترة قريبة أخبرتني زوجة شابة تملكها الغضب أنها لم تعد تتحمل عيني زوجها الهائمتين بين النساء. وكانت على وشك أن تهجره وتطلب الطلاق إذا عاود النظر إلى امرأة أخرى. فقلت لها: »هل ترغبين حقاً في حل لكل هذا؟ اذهبي إذاً إلى زوجك وقولي له: إنني أتألم فأنا تعيسة. وأعتقد أنك تعرف السبب. إنني زوجتك، فأرجوك أن تساعدني«. إن هذا هو كل ما يجب عليك أن تفعليه. إن اعترافك بحاجتك لحبه
سوف يصنع المعجزات التي لا يستطيع أن يصنعها الغضب مهما بلغ مداه.. حاولي..وسوف ترين«. استخدمي مواهبك، إن الزواج لا يدعو إلى تحديد آفاقك. فإذا كنت تمتلكين موهبة في الرسم أو التصوير أو الزخرفة أو قرض الشعر- أو أية موهبة كانت- فلا تدعي الصدأ يعلوها، بل استخدميها لتوسعي أفق حياتك الزوجية. أعرف فتاة ذكية تخرجت في الجامعة بدرجة امتياز، وواصلت دراستها بعد التخرج، ولديها الآن ثلاثة أطفال صغار بالإضافة إلى كل أعمال ربة المنزل، وهي تقول: »إنني أحتاج لكل شيء تعلمته في الجامعة لأفهم عمل زوجي، وأدير منزله بصورة مرضية، وأظل على معرفة بكل ما يدور في العالم«. وهناك أشياء قليلة جداً يجب على الزوجة ألا تُقدم عليها. لا تثيري جدلاً حول المسائل البسيطة بل تجاوزي عنها. وسوف تجدين أن رأيك سيصبح له وزن أكبر في الأمور الهامة. لا تخافي من الاتفاق على وسط، فالاتفاق لا يعني التسليم. بل هو مجرد أسلوب ناضج للاعتراف بأن في هذا العالم المعقد توجد وجهات نظر أخرى غير وجهة نظرك، وإدراك أن جانباً منها ربما كان صائباً في
بعض الأحيان. لا تنزعجي عندما تختلفين مع زوجك حول بعض الأمور، فالزواج مشاركة وليس اندماجاً لأناس متماثلين. لا تواصلي التبرم من الأخطاء التي لا علاج لها، فكل إنسان يرتكبها. إن أفضل شيء تفعلينه هو أن تتعلمي من هذه الأخطاء ثم تنسينها، وإنني أجد لزاماً عليّ أن أقول أن بعض النساء يقفن عاجزات عن ذلك، خاصة إذا كان الأزواج هم المخطئين. اعملي على توسيع وتنمية المشاركة، لا في الأمور الكبيرة والخطيرة فحسب، بل وفي الأمور البسيطة أيضاً مثل: الكتاب الذي تقرأينه والنكتة التي تسمعينها وتذخرينها له، ولحظة غروب الشمس التي تدعينه لمراقبتها، والكلمات المدهشة والمعجزة التي يدلي بها طفلك البالغ من العمر ثلاث سنوات، ويمكنك أن تشيعي فيه السرور ببعض الورود، أو بإيجاد ضحكة تستقبلينه بها في الصباح أو لدى العودة من العمل، وحتى السخط المشترك يمكن الاستمتاع به.
(ج-3) حاولي إرضاء زوجك :
(1) هل يحب الترتيب والنظام؟ يمكن أن تكوني منظمة. هل يحب الأصدقاء من
حوله؟ تعلمي كيف تقيمين الولائم للضيوف.
(2) هل عمله مجهد؟ اجعلي بيته واحة للهدوء وسط هذا العالم المليء بالضجيج.
(3) هل هو يريدك بجانبه؟ احمدي الله وكوني إلى جانبه.
إن هذا النوع من الاهتمام هو تعبير عن الحب، ومن المستحيل أن تمنحيه هذا دون أن ينعكس عليك مرة أخرى. في المسرات والمحبة كوني معه جسداً واحداً حتى الموت. يجب أن يشهد الزوج اهتمامك بعمله. وكثيراً ما نرى بعض الحمقاوات اللواتي يقلن: إن طباعنا لا تتلائم مع مهنة أزواجنا. لكن الطبائع يمكن أن تتغير حتى في سن السبعين إذا ما وُجد الحب. ما أروع خفقات قلب الزوج حينما يعود إلى بيته فيجد فيه شريكاً له يكلمه في الهندسة أو الأدب أو التجارة. وأي شريك يشاركه اهتمامه؟ أنت أخلص شريك لأنك زوجته!! إن الأزواج أطفال يا فتاتي، وكلهم بهم ضعف شديد، يميلون لأن تدللهم نساؤهم! ومنح الدلال طبيعة موروثة في المرأة. فبوسعها أن تهب منه الكثير دون أن ينفد... لمسة من الزوجة على شعر الرأس أو غطاء بسيط على المخدع، أو وردة تلصق على الصدر، هي أنجح لمسات الحب! هذا هو دور الزوجة العظيم الذي يبعث في نفسها الرضا. فتجنّبي الفكرة الخاطئة باعتبار ذلك الدور ثانوياً. ففيما يتعلق بسفينة الزواج، فإن زوجك هو محرك سفينة الزواج، ولكنك تمثلين الدفة.. والدفة هي التي تحدد إلى أين تتجه السفينة!
(ج-4) التكيُّف في بدء الحياة الزوجية:شهر العسل هو الفترة التي تبدأ به الحياة الزوجية باعتبارها من أهم الأهداف التي يبغي فيها الإنسان سعادته واستقرار حياته. ولئن ظنت الغالبية العظمى من المتزوجين الحديثين، والذين يعتزمون الزواج، أن في شهر العسل قمة السعادة، فإن واقع الأمر يختلف عن هذا كثيراً، لأن فترة شهر العسل من أشق فترات الحياة وأعقدها، فهي تنطوي على عدة مشكلات رئيسية أهمها التكيف بين الزوجين، ولهذا فلست أرى في هذا الشهر »عسلاً« حقيقياً. ولربما صدق ذلك الذي أرجع هذه التسمية إلى ما كان سائداً بين قبائل وسط أوروبا في العصور الخالية حيث كان الزوجان يشربان ويقدمان لضيوفهما خلال الثلاثين يوماً التالية لزواجهما خمراً مصنوعاً من العسل! إن الفترة التي تسبق الزواج »فترة الخطبة« هي غالباً فترة أحلام وتسامح، مصحوبة بالتصنُّع الذي يلجأ إليه الخطيبان حتى يظهر كل منهما أمام الآخر في أجمل صورة خلقية، ويحاولان إخفاء نقائصهما وطباعهما الخاصة. فهل شهر العسل (بدء الحياة الزوجية) امتداد لهذه الفترة المملوءة بالرقة والدفء والحنان؟ الواقع أن استمرار هذه الفترة بعد الزواج بما تتضمنه من أساليب سلوك صناعية ومظاهر وتصرفات مستعارة وغير طبيعية ليس في صالح الزوجين، إذ أنه يؤخر إتمام التكيف الطبيعي بينهما، ذلك التكيف الذي من شروطه الأساسية أن يسقط القناع المستعار من على وجه كل منهما، والذي لا بد وأن يسقط يوماً تحت ضغط الظروف والمواقف والعلاقات الجديدة، والذي كلما كان سقوطه سريعاً كان من السهل على كل من الزوجين أن ينتقل من عالم الأحلام إلى عالم الواقع، الذي فيه يسترد شخصيته العادية وطباعه الأصلية ومن ثمَّ يصبح خاضعاً للاتجاهات والعادات التي اكتسبها من قبل، والتي يجب أن يتم التكيف وفقاً لها.. ولكن ما هي العوائق أو المشكلات التي تحول دون التكيف السليم بين الزوجين؟
(ج-4) تطلب التشابه التام بين الزوجين : يعتقد بعض الشباب أن أساس السعادة الزوجية هو التشابه التام بين الزوج والزوجة في الأفكار والآراء والعادات والاتجاهات. والشخص في هذه الحالة يطلب نسخة أخرى من نفسه، أو هو يريد أن يرى في الطرف الآخر صورة نفسه. وهذا الاتجاه قد يبدو للوهلة الأولى أنه دليل على قوة الحب وكماله من حيث أن يبغي الاتحاد التام في الاتجاهات والآراء والعادات لدى كل من الزوجين، ولكن الواقع عكس ذلك، فهو يدل دلالة أكيدة على نقص الحب وعدم نضجه، فكأن الشخص عاجز عن أن يحب شخصاً آخر سوى نفسه! وهذه مرحلة بدائية من الحب...
(ج-5) التفاوت بين الزوجين :ومن أبرز صعوبات التكيف الأخرى، التفاوت الكبير بين الزوجين من حيث المستوى الثقافي أو الاقتصادي. وقد اهتم كثير من المعنيين بشؤون الأسرة والتربية بهذه الناحية وكتبوا فيها الكثير وذكروا أمثلة وحالات عديدة. ولذا فإننا نود فقط أن نشير إلى أن هذا الأمر نسبي وليس له مقياس معين. وإنما يحدد المقياس ويقدرّ مدى خطورة التفاوت الشخص نفسه ثم من يستنير بآرائهم، وعلى الشخص ألا يُقْدِم على الزواج إلا إذا شعر أن درجة التفاوت مقبولة، ولها ما يبررها، أو أن هناك ما يعوضها. وإلا فإن هذا الأمر سيكون ولا شك عائقاً كبيراً أمام تحقيق التكيف بين الزوجين، بل وقد يؤدي إلى تصدع الحياة الزوجية.
(ج-6) الغيرة:ومن عوائق التكيف الخطيرة في بدء الحياة الزوجية تدخل انفعال الغيرة في حياة الزوجين، والسماح له بالنمو والتضخم. والغيرة حين تنفجر فإنها تهز بنيان الحياة الزوجية هزاً عنيفاً لا يخلف سوى الخراب والتدمير. ويقول أستاذ في علم النفس إن الغيرة حالة نفسية شاذة ومعقدة، نظراً لأن الشخص الذي يغير على زوجته كثيراً ما يجهل ذلك، بل ويؤكد- إذا سئل- أنه لا يعرف الغيرة! وقد يقال إن الغيرة من دلائل الحب أو مستلزماته، ولكن علماء النفس أثبتوا عكس ذلك، إذ أن الحب الذي يوحد بين شخصين يتنافى مع الغيرة التي هي في حقيقتها شقيقة »الحسد«. والحسد نوع من البغضة. كما بيّنوا أن الغيرة تعبير عن نزعة التملّك المطلق والأنانية.
(ج-7) الضغط والإجبار:لا شك أن شعور أحد الزوجين بأنه مقبل على شريك حياته تحت ضغط بعض الظروف الاجتماعية أو غيرها، أو أن هذا الزواج قد فرض عليه فرضاً عن طريق الأسرة مثلاً، يقلل كثيراً من فرص التكيف المنشود بين الزوجين. وغالباً ما تبدأ متاعب مثل هذا الزواج منذ اليوم الأول... ومهما كان الأمر، فعلى كل من الزوجين أن يهب نفسه للآخر عن رضى واقتناع، عاملاً على توفير جو من الحرية ومن التقدير والاحترام المتبادل. وعلى الزوجين الحديثين أن ينظر كل منهما إلى الآخر على أنه شخص واقعي له حسناته وسيئاته، وليس مخلوقاً خيالياً ومثالياً. ولكي يصبح »العسل« جديراً باسمه، ليعلم الزوجان أن التكيف بينهما هو مسؤولية كل من الزوج والزوجة، بمعنى أن كلاً منهما مطالب بأن يبذل جهداً إيجابياً في سبيل التوافق مع الطرف الآخر. ولا مانع لتحقيق ذلك من التنازل عن بعض الرغبات والآراء، والتخلي عن بعض المطالب المثالية أو غير الواقعية. ويصبح تحقيق التكيف أمراً يسيراً حين ينتبه الزوجان إلى هذه الحقائق الهامة منذ الأيام الأولى لزواجهما، أي في فترة شهر العسل، وحينئذٍ يصبح هذا الشهر جديراً باسمه.
(ج-8) الزوج الموفق : قال هوميروس الشاعر اليوناني: »إذا اتخذت زوجة لك فكن لها أباً وأماً وأخاً، لأن التي تترك أباها وأمها وإخوتها وتتبعك لها الحق أن ترى فيك رأفة الأب، وحنان الأم، ورفق الأخ. فإذا عملت هكذا كنت نعم الزوج الموفق«.
(ج-9) »هل أنت زوجة لرجل سعيد؟« هل تعتقدين أن زوجك بعد أن عاش معك هذه السنوات الطويلة، وعرفك على حقيقتك، يختارك زوجة له مرة أخرى، إذا أتيحت له الفرصة لكي يبدأ حياته الزوجية من جديد؟ لا تتسرعي وتقولي (طبعاً) فالإحصائيات والدراسات التي قام بها علماء النفس والاجتماع في العالم تؤكد أن نسبة كبيرة من الأزواج يكتشفون حقيقة زوجاتهم بعد الزواج ويشعرون بخيبة أمل ويرضون باستمرار حياتهم الزوجية حرصاً على الأولاد، وإيماناً منهم بأن الزواج »نصيب«. فهل يدخل زوجك ضمن النسبة الكبيرة من الأزواج الذين يشعرون بخيبة أمل بعد الزواج؟ إذا كنت تريدين معرفة الحقيقة... أجيبي بأمانة على الأسئلة التالية التي وضعها لك علماء النفس والاجتماع:
(1) هل تبذلين نفس الجهود في الاحتفاظ بهدوء أعصابك الآن كما كنت تفعلين أيام الخطبة؟ (2) هل تصغين لزوجك بإمعان عندما يحدثك عن الأشياء التي تهمه هو شخصياً، وتعملين على إدارة الحديث في المجتمعات التي ترتادينها معه إلى الموضوعات التي يلمع هو في التحدث فيها؟
(3) هل تحولت خلال فترة الزواج من فتاة تجيد الطهي إلى طاهية ممتازة؟ (4) هل تحسنين معاملة أهله وتتحدثين عنهم (بالطيب) حتى ولو انتقد هو تصرفاتك معهم؟ (5) هل تحرصين على عدم الإنقاص من قيمة العمل الذي يقوم به، وعدم
الإقلال من شأن الدخل الذي يدره على البيت؟ هل تعرفين أطباق الطعام التي يحبها وتعملين على تقديمها له دون أن يسعى إلى طلبها منك؟ (6) هل تعملين على إشعاره بأهميته في حياتك وحياة بيتك بأخذ رأيه من وقت لآخر في فساتينك وفي قطع الأثاث التي تجددينها؟
(7) هل تحرصين على أن تكوني جميلة ومرتبة وفي مظهر مناسب أمامه في كل الأوقات، كما كنت تفعلين في أيام الخطبة؟ (8) هل تعرفين كيف تدبرين أمور بيتك في حدود الدخل الذي تحصلين عليه... وتحجزين منه شيئاً للطوارئ؟ (9) هل تحرصين على إرضاء شعوره بعدم مقارنته بغيره من الرجال، إلا إذا كان الهدف من هذه المقارنة هو إظهاره بأنه يفوقهم في شيء ما؟ (10) وأخيراً هل تحرصين على أن تقولي له من وقت إلى آخر إنك سعيدة بزواجك منه. وتبحثين بجدية عن أسباب تؤكد له ذلك؟
إذا كنت قد أجبت على كل هذه الأسئلة بنعم، فإن علماء النفس والاجتماع يقولون إنك زوجة ممتازة، وزوجك لا بد أن يكون غير نادم على زواجه منك. أما إذا كنت قد أجبت بنعم على ستة أسئلة فقط، فأنت في رأي الذين وضعوا الأسئلة زوجة مقبولة، وأغلب الظن أن زوجك لا يضيق بالحياة معك. أما إذا كانت إجابتك بنعم قد قلَّت عن خمسة من هذه الأسئلة فزوجك بلا شك يدخل ضمن المجموعة الكبيرة من الأزواج التعساء ولو في قرارة أنفسهم على حياتهم الزوجية. وأحسن شيء تفعلينه هو محاولة إصلاح تصرفاتك أمام ومع زوجك، وإلا ضاقت به الدنيا ودفعه ضيقه إلى الفرار منك بأي ثمن!
(ج-10) الزواج والبركات الدينية: من ضمن أغراض تزوُّج مؤمن بمؤمنة هو أن يقام في البيت مذبح عائلي، كأساس للسعادة الزوجية، وتربية الأولاد وحل المشاكل العائلية أمام الرب وبإرشاده وتوجيهات كلمته، وتقديم الشكر له على حسناته، هذا ولا شك أساسي وجوهري للسعادة الزوجية والعائلية.
(ج-11) ماذا تفعلين حين يقسو زوجك عليك ؟: آمنت سيدة وقبلت الرب يسوع فادياً ومخلصاً لها، وقد تحملت من زوجها اضطهادات شديدة وغير محتملة. وفي يوم ما كان أحد القسوس في زيارتها وسألها: »ماذا تفعلين عندما يغضب زوجك ويقسو عليكِ؟« فأجابت: »أطهو الطعام أفضل من الأول. وعندما يتذمر ويشكو أنظف المنزل وأرتبه أجمل من الأول. ولما يتكلم معي بشدة أجيبه بكل لطف ومودة. إني أحاول أن أريه أني إذ أصبحت مسيحية، صرت زوجة أفضل، وأمّا أحسن«. وكانت النتيجة أن ذلك الزوج الذي قاوم كلمة الله مراراً، لم يستطع أن يقاوم التبشير العملي الذي قامت به زوجته، فسلم حياته للمسيح وصار مسيحياً بالحق. قال الكتاب: »إِنْ كَانَ الْبَعْضُ لَا يُطِيعُونَ الْكَلِمَةَ يُرْبَحُونَ بِسِيرَةِ النِّسَاءِ بِدُونِ كَلِمَةٍ« (1 بطرس 3:1).
(ج-12) كيف يكسب الزوج المؤمن زوجة حادة الطباع : كان أحد الأزواج رجلاً مؤمنا وتقياً هادئاً، أما زوجته فكانت حادة الطباع، تزجر الخادمة بشدة لأتفه الأسباب. فكان يشجع الخادمة لكي تستعمل الصبر- وكانت إذا كسرت إناء أو أتلفت شيئاً تتهيج وتسخط على نفسها، بينما كان زوجها يهون عليها الأمر ويقول لها: »لا تحزني الله يعوض«. وفي يوم رآها تبكي فسألها عن سر بكائها، فقالت له: »لقد غلبتني بلطفك وهدوئك، وقد عزمت أن اسلم لمن جعل منك هكذا«. وفعلاً صارت للرب وصارت مثل زوجها وديعة وهادئة!
(ج-13) قلب الزوج وتأثيراته : عندما يكون قلب الزوج مع الله يؤثر الرب في الزوجة فتخضع وفي الأولاد فيطيعون- لكن لما ينحرف القلب عن الله ينهدم البيت ويسيطر الشيطان على الأولاد والبنات وحتى الزوجة، فيتمرد من يتمرد،ويثور من يثور، وكأني في وسط غوغاء، لا تربطهم بي رابطة ولا حتى سابق معرفة. فأثور أنا الآخر لكرامتي المهانة حتى يوضع كل شيء في مكانه، فتأخذ الزوجة مكان الخضوع ويأخذ الأبناء مكان الطاعة وأكون أنا أخذت مكان الرأس المحرك والمدبر. ولكن هل تنتج ثورتي شيئاً؟ نعم تنتج: ترتبك الأمور أكثر فيستميلني شعور بالهروب من هذا الجو الخانق تواً، برحلة بعيدة لمدة طويلة، أو بأن أغلق على نفسي سبل الاتصال بهذه الجماعة التي (رمتني الظروف السيئة) لأعيش معها. هذا ما أقوله لنفسي لكي أعزيها ولو بعض التعزية، أو أقول هكذا لأظل على حفظ توازن رأسي الذي كان مرفوعاً. وحتى جدران البيت الذي أعيش فيه والتي أرتبط بها كأنها من لزوميات حياتي العائلية، والتي كانت إلى وقت قريب تساعدني على حفظ تيارات المحبة الدافئة حتى لا تتسرب مع الرياح العاصفة في الخارج- حتى هذه الجدران، بدأت تتشقق وبياضها يتساقط، فأثور عليها وأدعو من يضفي عليها ألوان البهجة بألوانه، ولكنها تبقى على عبوستها، وكأنها هي الأخرى تقول: أين كتابك وأين صلاتك؟ دع النفس ترجع إلى الله، وإذا بالأمور تهدأ ويعود السلام إلى مجراه.
(ج-14) مواجهة الاحتداد : قال أحد الأفاضل: كنت أحتد مع زوجتي بسبب الاختلاف حول بعض الأمور، وأخيراً قررنا أنه بدل الخلاف والجدال أن نضع أمورنا أمام الرب وهو يرشدنا إلى النافع من الأمور، فنهدأ أمام الرب، وعندئذٍ لا يكون هناك مجال للخلاف ولا التشبث بالآراء الخاصة ولا رفع الصوت، وما يقنعنا الرب به فهو الذي ينفذ.. وقد نجحت هذه الطريقة.
(ج-15) عد إلى الله قبل أن تطلب الانفصال : جاء رجل وزوجته إلى القسيس وكل منهما يود الإنفصال، فأجابهما: إني مستعد أن أنفذ رغبتكما على شرط أن تعداني بقراءة فصل من الكتاب المقدس كل يوم مع الصلاة، وذلك لمدة أسبوعين فقط، وبعدئذٍ سأنظر في أمر الفصل بينكما. فمضيا وقد قبلا شرطه على أن يعودا إليه بعد المدة التي عيّنها لهما. واستمرّا يقرآن فصلاً من الكتاب ويصليان. وفي يوم ما وجد الرجل وهو يقرأ الكتاب هذه الاقوال:»أَيَّتُهَا النِّسَاءُ، اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا يَلِيقُ فِي الرَّبِّ. أَيُّهَا الرِّجَالُ،أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ، وَلا تَكُونُوا قُسَاةً عَلَيْهِنَّ« (كو 3:18،19) فقال الرجل في نفسه: »متى كنت محباً لزوجتي؟ لقد أحببت نفسي باستمرار، وكنت آخذ لنفسي أفضل الأشياء وأعطيها الأردأ. لقد كنت حقاً مخطئاً« وأخذت هي تراجع نفسها قائلة: »متى كنت أنا خاضعة لزوجي؟ كنت أتمرد عليه باستمرار وأعامله بكل عناد. حقاً لقد كنت مخطئة جداً«. ثم بدأ الواحد منهما يبتسم للآخر. وكانت اعترافات وكان صفح وكان هناء وولاء.ومضى الأسبوعان ورجعا إلى القسيس، لا لكي يتمم لهما الانفصال والطلاق، بل ليقدما له هدية لأن علاجه الذي فكر فيه نجح كل النجاح!
أيتها العائلات المتهدمة، أيها الأزواج الحائرون أمام تمرد زوجاتكم، أيتها الزوجات المعذبات من قسوة أزواجكن: ادرسوا الكتاب ومارسوا الصـــلاة
العائلية تجدوا السعادة تسعى إليكم وتستقر في قلوبكم وفي بيوتكم...
(ج-16) لا تنتقدي زوجك ولا تعظيه : قولي لصديقتك الحائرة اليائسة الراغبة في ربح زوجها للمسيح والتي حاولت وفشلت كثيراً: لا تنتقديه ولا تزعجيه طول اليوم بعظاتك ونصائحك. إن المسيح لا يريدنا أن نكون وعاظاً بقدر ما نكون شهوداً أمناء. تكلمي معه قليلاً عن المسيح وصلي كثيراً من أجله. أن عشر كلمات مصحوبة بقوة الروح القدس لمدة دقيقة أنفع من آلاف الكلمات التي ترددينها في عشر سنوات. لا تخبري الآخرين عن خطاياه، ولا تعددي صفاته السيئة عند الصلاة من أجله، لئلا تمنعيه عن الذهاب للكنيسة بهذا التصرف، إذ يسمع أن كل الكنيسة تعرف عنه كل شيء. اطلبي الصلاة من أجله دون أن تذكري التفاصيل. لا تقارني زوجك بأزواج الأخريات. لا تقولي كم كنت أتمنى أن تذهب معي إلى الكنيسة كما يذهب زوج فلانة. إنك بذلك تجرحين كبريِاء زوجك وتخسرين المعركة المقدسة. أشعريه أنه أحسن زوج وقولي له: »أكون سعيدة أكثر لو ذهبنا معاً للكنيسة«. (1) ادفعيه للرغبة في التقدم الروحي دون أن يشعر بذلك،(2) زيدي فيه الثقة بالنفس.
(3) لا تثيري ضجة حول عاداته فهي ليست الهدف. إنه يخطئ لأنه خاطئ، وسوف يقلع عن عاداته الرديئة عندما يسلم قلبه للمسيح... إذاً قبل أن تحاولي معه أن يمتنع عن عادة لا تعجبك (4) قوديه للرب يسوع الذي يخلصه تماماً.(5) لا تحاربي عاداته، فهذا لن يجدي، بل ربما يدفعه هذا أن ينقّب على أخطائك ليحاسبك على بعض عاداتك التي لا تعجبه. قال الزوج: »إني أدخن حقاً، ولكن زوجتي المؤمنة تمسك سيرة الناس، فأيهما أخطر؟« عيشي كما يحق للمسيح. قال أحد الصينيين: »إنني لم أسمع الإنجيل مطلقاً، بل رأيته في إحدى سيدات القرية«. إن زوجك لن يؤمن بما يسمع في كلمة الله إلا عندما يرى ذلك مجسّماً في حياتك وسلوكك.(6) اكتشفي هوايات زوجك. لكل منا هوايات ورغبات داخلية يحب أن يحققها. (7) ابحثي عن هوايات زوجك وحاولي تحقيقها في دائرة نعمة الرب. أهو يحب الموسيقى؟ إذن قوديه إلى الكنيسة في اجتماعات الترنيم. أهو طموح؟ اتركي على مكتبه كتاباً عن أحد رجال الله الأمناء الناجحين. أهو محب للحفلات؟ خذيه لحفلات الكنيسة، وهناك سيجد خلاص نفسه في عشرة القديسين. (8) تعلمي أن تربحي زوجك عن طريق الآخرين. إن كنت لا تستطيعين أن تربحي زوجك بمفردك، ساعديه على التعرف بالمؤمنين وبمعاشرتهم يكتشف فيهم حياة الإيمان، ثم يكتشف نفسه. الرب معك.
(د) أسس السعادة الزوجية:
الولاء الكامل لمؤسسة الزواج : ذكر جمال الدين القفطي في تاريخ الحكماء: أن أبا جعفر المنصور قال لجورجيس بن بختيشوع الطبيب الشهير: »من يخدمك هنا؟« أجاب: »تلامذتي« فقال المنصور: »سمعت أنه ليس لك امرأة« فقال: »لي زوجة كبيرة ضعيفة لا تقدر على النهوض من مكانها«. ثم انصرف المنصور، وأمر خادمه أن يختار من الجواري الروميات الحسان ثلاثاً ويحملهن إلى جورجيس مع ثلاثة آلاف دينار. ففعل ذلك. فلما انصرف جورجيس إلى منـزله عرفه تلميذه بما جرى وأراه الجواري. فأنكر أمرهن وقال لخادمه: »يا تلميذ الشيطان،لماذا أدخلت هؤلاء إلى منـزلي؟ أأردت أن تنجسني؟ امض وردهن إلى صاحبهن«. ثم ركب جورجيس ومعه تلميذه مع الجواري إلى دار الخليفة، وردهن إلى الخادم.فلما وصل الخبر إلى المنصور أحضره وسأله: »لماذا رددت الجواري؟« أجاب جورجيس: »لا يجوز أن يكون مثل هؤلاء في منـزلي، لأننا نحن معشر النصارى لا نتزوج بأكثر من امرأة واحدة. وما دامت المرأة حية فلا نأخذ غيرها. نعطيها قلبنا وولاءنا وحبنا ولن نرضى عنها بديلاً«. فأعجب الخليفة بهذه الروح الطيبة وازداد له إكراماً. ولما مرض أمر المنصور بحمله إلى دار الضيافة، وخرج إليه ماشياً ليسأل عن حاله، فطلب منه الطبيب أن يرجع إلى بلده ليدفن مع آبائه،فأمر بتجهيزه ووصله بعشرة آلاف دينار!!
(د-1) محبة، وخضوع: إن واجب الزوجة الدائم هو الخضوع للرجل، لأن الرجل رأس المرأة والرأس لا يتسلط بل يقود ويوجه. وهذا الخضوع ينبغي أن يكون شاملاً إذ هو في كل شيء. كما ينبغي أن يتمثل بخضوع الكنيسة للمسيح. ويتم هذا الخضوع عملياً بالاحترام والاجلال »أَمَّا الْمَرْأَةُ فَلْتَهَبْ رَجُلَهَا« (أفسس5:33). وسرّ الأخطار والأضرار التي تصيب المجتمع تأتي من بُعْد المرأة عن هذا الولاء والتقدير.أما الرجل فمن واجبه المحبة. على أن المحبة في ذاتها لا تحتاج إلى وصية، لكن الرسول بولس لا يقف عند مجرد المحبة بل يرتقي بها إلى محبة المسيح الباذلة العجيبة، وعندما توجد المحبة يوجد معها كل شيء.
(د-2) آداب السلوك المسيحي في الزواج : ذكر الأستاذ لويس بجامعة أكسفورد في كتاب»آداب السلوك المسيحي« ما يلي:»تتعهد الزوجة المسيحية في رابطة الزواج أن تطيع زوجها، والرجل في الزواج المسيحي هو »الرأس«. وهنا يثير بعضهم أو على الأصح بعضهن سؤالين: لماذا هذا الرأس؟ ولماذا لا تكون مساواة؟ ولماذا يكون الرجل هو الرأس.. والجواب هو: إن الحاجة إلى رأس ناشئة عن الفكرة بأن الزواج علاقة مستديمة ثابتة، وطبعاً ما دام الوفاق قائماً بين الزوج والزوجة فلا مجال للتحدث والتفكير في من هو الرأس. وهذا هو الوضع الطبيعي الذي نرجوه في كل زواج مسيحي. ولكن إذا وقع شقاق، فما الذي يحدث؟ الشيء الطبيعي هو بذل الجهد لإزالته بالعتاب الودي والكلام العاقل. ولكن إذا فرض أنهما فعلا كل هذا ولم يصلا إلى اتفاق، فما الذي يفعلانه بعد ذلك؟ لا يمكن تسوية النـزاع بأغلبية الأصوات، لأن مجلساً مؤلفاً من اثنين فقط لا أغلبية فيه. لا شك أن الذي يحدث هو أحد أمرين: فإما أن ينفصلا ويذهب كل منهما لحال سبيله، وإما أن يكون لأحدهما القول الفصل. وما دام الزواج رابطة مستديمة، فلا بد أن يكون لأحد الطرفين في آخر الأمر، حق تقرير سياسة الأسرة، ولن تعيش أية هيئة مستديمة بدون دستور يحكمها وسلطة ما تشرف عليها. وإن كانت هناك ضرورة للرأس فلماذا يكون الرجل؟ أعتقد أن المرأة ذاتها لن تسيطر على رجلها إذا كانت تحبه، فإن سلطة الزوجات على الأزواج شيء غير طبيعي. والمرأة العاقلة الحكيمة لا ترضاها، بل المرأة بصفة عامة تخجل من هذا الموقف وتحتقر الرجل الذي تكون هي رأساً له. ويقول القس بلي جراهام: »إن كان الزوج والزوجة على قدم المساواة في كل الأمور، إلا أنه في أمور الترتيب والإدارة في العائلة يكون الرجل رأس المرأة. والكتاب صريح في هذه النقطة في كل أجزائه من التكوين للرؤيا.. ولكن كم من نساء في العائلات المسيحية يقلبن الأوضاع إذ يقمن بدور الرجال«.
(د-3) زينة المرأة: يقول الكتاب إن زينة المرأة ليست الزينة الخارجية من ضفر الشعر أو التحلي بالذهب واللآلئ أو الثياب الفخمة، بل »زِينَةَ الرُّوحِ الْوَدِيعِ الْهَادِئِ، الَّذِي هُوَ قُدَّامَ اللّهِ كَثِيرُ الثَّمَنِ« (1 بطرس 3:4). وهذا ما ردده كاتب ياباني نصح الفتاة بأن تتحلى بالطاعة والحلم واللطف، وطالبها بأن يكون لديها أنوثة رقيقة في كل شيء:
1- أنوثة في طبعها ممزوجة بالتواضع والخضوع.
2- أنوثة في لغتها، تتخير الألفاظ والكلمات المناسبة، مع رفض المبالغة في الكلام
وتجنب العبارات النابية. وأن تتكلم عند الحاجة فقط، وتلزم الصمت في غير
ذلك.
3- أنوثة في هندامها، بتجنّب التبرج مع التمسك بالذوق الرفيع.
4- أنوثة في هواياتها، كحياكة الملابس وطهي الطعام.
5- أنوثة في القراءة المتفقة مع الآداب السامية والبعيدة عن كل دنس، مع تجنب
الكتب الرخيصة التي تجرح الآداب.
(د-4) مشاركة الزوجة لأسرار زوجها : قال بلي جراهام الواعظ الأمريكي المشهور:»ليست الزوجة لعبة أو أداة من أدوات الزينة في منـزلك، ولكنها شريكة حياتك في كل أمور الحياة.لذلك يجب ألا تحتفظ بأسرار تخفيها عنها. بل اعرض عليها مشروعاتك وناقشها فيها«. لكن آخر يرى أن لكل قاعدة شواذ، فعندما لا تكون الزوجة مستحقة لأن تكون موضع ثقة فيستمع الزوج للقول الإلهي: »احْفَظْ أَبْوَابَ فَمِكَ عَنِ الْمُضْطَجِعَةِ فِي حِضْنِكَ« (ميخا 7:5).
(د-5) اجتهاد الزوجة في حب زوجها : كانت إحدى الزوجات تقول: إنها تحب زوجها من كل قلبها لأنه يحبها ويقدرها، فتعمل هي بدورها على إسعاده بكل ما أُوتيت من قوة. وهذا يزيد الثقة متانة على مر الأيام، ويولد في النفوس صراحة طبيعية أسمى وأمجد.. فقط لتجتهد الزوجة أن توجد فيها ما يستحق التفات زوجها واهتمامه وتقديره.
(د-6) الثقة والصراحة : للثقة والصراحة بين الزوجين نتائجهما المباركة:
1- من ازدياد المحبة بين الاثنين على توالي الأيام
2- عدم فتح ثغرة للوشاة الخبثاء
3- استئمان الواحد منهما للآخر على كل شيء
4- عدم تطرُّق الشك إلى قلبيهما
5- اتخاذ كل منهما الآخر صديقاً ومعواناً على مصائب الدهر
6- تقاسم مسرات الحياة معاً
7- سيادة السلام القلبي بينهما، والسعادة الصحيحة.
(د-7) الصراحة بين الزوجين : قال أحدهم: من آفات الزواج عدم الصراحة بين الزوجين، وإن كلا منهما لا يفضي للآخر بما عنده.وهذا ما يكثر الشك والتوجس والظنون والانتقاد. والأجدر أن يفضي كل منهما للآخر برغباته أو انتقاداته بروح اللطف المسيحي. وباستعمال الصراحة تنقضي الأفكار السيئة وتتوطد دعائم الصداقة بين الزوجين.
(د-8) معطلات الثقة والصراحة بين الزوجين : قد تتعطل الثقة والصراحة بين الزوجين لأسباب منها:
1- كتمان الأمور الواحد عن الآخر وعدم التشاور
2- دخول بعض الوشاة بين الاثنين
3- ضعف الحياة الزوجية
4- وجود بعض التقلب في حياة أحدهما أو في الاثنين
5- الميل لتصديق آخر أكثر من الشريك الآخر
6- عدم الحكمة في بعض التصرفات
7- عمل أشياء مشكوك في أمرها من أحدهما أو من الاثنين.
(د-9) التعاون بين الزوجين : إن الوضع الكتابي للزواج والغرض الرئيسي منه هو ما قاله الله: »لَيْسَ جَيِّداً أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِيناً نَظِيرَهُ« (تكوين 2:18). إذ قصد أن يتعاون الشريكان معاً في السرّاء والضراء، وأن يعملا بقانون المسيح: أن الأعظم هو من يخدم وليس الذي يتكئ على الدوام لكي يخدمه غيره. قال الكتاب: »اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ وَهكَذَا تَمِّمُوا نَامُوسَ الْمَسِيحِ« (غلاطية 6:2). وإن صحّ هذا عامة، فهو ألزم للحياة الزوجية بين الشريكين. ولا شك أنه لا تعاون إلا بالصداقة، فمتى توثقت عرى الصداقة بين الزوجين أمكن تعاونهما معاً على الوجه الصحيح. وقد قال أحدهم: »طوبى للزوجين اللذين يحولان حبهما الواحد للآخر إلى الصداقة، والصداقة في أعظم وأعمق معانيها- صداقة تستمر وتتعمق على مدى الأيام«.
(د-10) الفرق بين المنزل والعائلة : قال أحدهم: »إن الفرق بين المنـزل والعائلة هو أن الأول هو اتحاد بين الحجارة والطوب، أما الثاني فهو اتحاد بين القلوب- قلب الزوج مع زوجته. ويبدأ هذا الاتحاد المقدس عندما يرتبطان برباط الزواج المقدس«.
(د-11) المنح والعطاء بين الزوجين : قال جي دي موباسان: »حين يتحاب اثنان فلن يسعدهما شيء أكثر من »المنح والعطاء«. يعطي المحب دائماً كل شيء: يعطي أفكاره وحياته وجسمه وكل ما يملك، ويشعر بالمنح ولذته، ويخاطر بكل شيء ليعطي المحبوب أكثر وأكثر«.
(د-12) الزوجين كالمقص : الزوج قال أحد رجال الاجتماع يخاطب الزوجين: »إنكما معاً كشطري المقص لا يمكن فصلكما. كما أن كلاً منهما لا يستغني عن الآخر، ومن يدخل بين هذين الشقين يُقطَع«.
(د-13) علاج معطلات التعاون والصداقة بين الزوجين: بعض الطرق لعلاج إهمال التعاون والصداقة بين الزوجين.قال أحدهم:
1- ليدرس الزوجان الأسباب التي عطلت الصداقة والتعاون بينهما
2- ليُقِرّ كلٌ منهما بخطئه بتواضع، وإلا تعذر العلاج لوجود الكبرياء والتعالي،
وليعرف كل منهما أن من يبدأ بالاعتراف فهو الأعظم وليس بالعكس
3- ليبدأ الاثنان في الصداقة العملية وفي التعاون البناء في الحال
4- إذا اختلفا حول أمر من الأمور ليأخذا المسألة بسهولة وبالإقناع باللطف،
ويتركا المسألة للزمن لزيادة الفهم إذا لم يتم الإقناع
5- وإذا أمكن ليحتكم الاثنان إلى صديق للطرفين أو لرجل من رجال
الدين يثقان به وممن يحفظون أسرار الناس
6- وقد يحتكم البعض إلى إجراء القرعة عن الأمر الذي يختلفان فيه إذا كان
الاثنان يستسيغان هذه الطريقة.
(د-14) عجلة الحياة الزوجية : قال أحدهم: إن صفات اللطف والصبر والاحتمال، هي كالشحم للآلات يليّنها ويسهل عملها. وهكذا لا تسير عجلة الحياة الزوجية إن لم تشحم بشحم هذه الصفات السامية. وكما أن الآلة تحدث أصواتاً مزعجة، ويصعب إدارتها بدون تشحيم، هكذا تحدث لماكينة الحياة الزوجية، تحدث صخباً وصياحاً وإزعاجاً بل تتعطل وتتوقف عن التقدم!
(د-15) التعبير عن العواطف : قال أحد رجال الأعمال »إنني متزوج منذ أكثر من ثمانية أعوام وقلما ابتسمت لزوجتي خلال هذا العمر الطويل، بل قلما حدثتها أكثر من بضع عبارات ابتداءً من الساعة التي أصحو فيها حتى أغادر البيت قاصداً إلى عملي. لقد كنت أسوأ مثل للرجل العبوس المتجهّم! فلما قصدت أن أبتسم فكرت أن أجرب الابتسام مع زوجتي. ففي الصباح التالي، بينما أنا أمشط شعري أمام المرآة تطلعت إلى صورتي وقلت لنفسي »اسمع! إنك ستمحو اليوم هذا العبوس المخيم على سحنتك، ستبتسم دائماً، وستبدأ في التو واللحظة«. فلما جلست على المائدة لتناول طعام الإفطار حيّيتُ زوجتي بهذه الكلمات: »صباح الخير يا عزيزتي« وابتسمت وأنا أقول ذلك. أما هي فقد ذُهلت! ولكني أسرعت فوعدتها أن تنتظر مني هذه التحية على الدوام. وقد جلب هذا الموقف الجديد لبيتنا خلال الشهرين الماضيين سعادة لم نذق مثلها خلال العام الماضي كله!
(د-16) رد الشر بالخير : كانت الزوجات المسيحيات كثيراً ما يعرضن أحوالهن مع أزواجهن على القديسة »مونيكا« أُم القديس أغسطينوس، ويشكين لها مصابهن، ويعجبن كيف تعيش مع زوجها براحة وسلام، مع أنه مشهور بشراسته وغضبه الشديد، فكانت تجيبهن بالقول: »إنه إذا احتد وغضب، فإني أسكت سكوتاً تاماً، بل كثيراً ما أنشغل بالصلاة في أثناء هياجه وسخطه، وعلى هذه الصورة يسكن غضبه ويهدأ اضطرابه، فأعيش معه بحب وسلام حتى أني قد استملته إلى المسيحية. فافعلن مثل ذلك تعشن ورجالكن براحة، بل تقدسن أنفسكن ورجالكن«.
(د-17) كسب الزوج لله : كان أحد الأفاضل يتحادث مع شيخ تقي، فسأله عن سبب إيمانه، فصمت دقيقة، وكأن السؤال أصاب وتراً حساساً في نفسه، وأجاب بتأثر شديد وقد سالت الدموع من عينيه: »لقد جاءت زوجتي إلى الله قبلي بعدة سنين، فاضطهدتها وأسأت إليها بسبب دينها، غير أنها لم ترد عليَّ إلا بالشفقة. وكانت تظهر باستمرار اهتمامها لتزيد من راحتي وسعادتي. فكان سلوكها الطيب مع كل ما لقيته من ألم من سوء معاملتي لها هو أول ما أرسل سهام التبكيت إلى نفسي«.
(د-18) الولاء بين الزوجين : قال أحدهم: إن الولاء هو أليق ما يكون بين الشريكين في حياة الزيجة المقدسة. لأنه من ذا الذي يخلص النية للزوج، الذي قال عنه الكتاب إنه يترك أباه وأمه لأجلها؟ ومن الذي لأجله قد تركت أباها وأمها وأخواتها وأقاربها لتكون معه وله؟ لقد وعدا أمام الله أن يكون كلٌ منهما مخلصاً للآخر عاملاً على سعادته ومساندته في الحياة.. وعلى هذا الدرب يجب أن يسيرا قُدُما. وكلٌ في ولاء صابر، وفي بذل ظاهر إلى النهاية...
(د-19) المحبة الزوجية: وضح أحد الحكماء المحبة في الزواج بقوله:» هناك ثلاثة أنواع من الحب
(1) الحب الكاذب، الذي يطلب ما لنفسه، كما يحب الإنسان الذهب والكبرياء
والنساء خارج الحدود التي رسمها الله
(2) وهناك الحب الطبيعي كحب الوالد لابنه والأخ لأخته
(3) وفوق الكل الحب الزوجي الذي يتغلب على كل شيء ولا يطلب إلا الشريك الآخر
فيقول: أنا لا أطلب ما هو لك، لا ذهبك ولا فضتك، بل أطلبك أنت، وأطلب الكل
وإلا فلا! وهذا النوع من الحب يطلب المحبوب كله. ولو لم يكن آدم قد سقط لكان
الحب الزوجي أقدس ما في الوجود، ولكن الحب الزوجي الآن ليس نقياً كما ينبغي،
لأن حب الذات يتدخل فيه.
(د-20) الولاء للمسيح أولا : قد شدد البيوريتانيون الذين ظهروا في إنجلترا في القرن السادس عشر على ضرورة التدقيق الديني الشديد، بأن الزوجين يجب ألا يقدما ولاءهما لبعضهما عن ولائهما للمسيح، وإلا اعتبر هذا عبادة أصنام! فقد كتب كرومويل زعيمهم الأول المشهور لابنته، على أثر زواجها يقول: »لا تدعي حبك لزوجك يقلل من حبك للمسيح بأي شكل من الأشكال. إن أكثر ما يجتذبك هو مدى تشبّهه بالمسيح، فصورة المسيح فيه هي ما يجب أن يجتذبك إليه أولاً«. وقد كتب أحد البيوريتانيون إلى خطيبته يقول: »يا حمامتي لا أعطيك قلبي لأني قد سبق وأعطيته للسماء من زمن طويل، ما لم يكن قلبي خدعني، وأنا واثق أنه ليس ملك أحد في هذا العالم. ولكن الحب الذي تسمح السماء لي بأن أقدمه لإنسان أقدمه لك وحدك.