الحياة المُكرسة
ذهبت مرة إلي بلدة قريبة لإسمع موعظة عن التكريس ، ولم تكن فيها رسالة خاصة موجهة إليّ ، ولكن عندما ركع المتكل في صلاة الختام نطق بهذه العبارة : "أيها الآب ، أنت تعلم أننا نستطيع أن نثق في ذاك الذي مات لإجلنا" وفي هذه العبارة كانت الرسالة الموجهة إلى قلبي . قمت وانطلقت في الشارع لأركب القطار . وفي أثناء إنطلاقي كنت أفكر عميقاً فيما يعنيه التكريس بالنسبة لحياتي ولكني كنت وجلاً متردداً . وفي وسط ضوضاء الشارع وحركة المرور أتاني صوت خفيف هادئ "إنك تستطيع أن تثق في ذاك الذي مات لأجلك" ركبت القطار لأذهب إلى منزلي وبينما أنا في القطار كنت أفكر فيما يعنيه التكريس من انقلاب في حياتي ، من تضحيات وجهاد ، من سهر وصلاة وكنت متردداً وجلاً . ثم أتاني ذلك الصوت الخفيف الهادئ "إنك تستطيع أن تثق في ذاك الذي مات لأجلك" ذهبت إلى منزلي وقصدت حجرتي وهناك على ركبتيّ استعرضت كل حياتي الماضية. لقد كنت مسيحياً وعضواً في كنيسة ومدرساً في مدرسة أحد ولكني لم أكن قد سلمت بعد حياتي بجملتها لله. ثم عدت وفكرت في مشروعاتي التي قد تفشل والآمال المزدهرة التي قد تطرح جانباً ، وترددت ووجلت . ثم عاد وأتاني ذلك الصوت ولكن هذه المرة في قوة مقنعة "إنك تستطيع أن تثق في ذاك الذي مات لأجلك . وإن لم تثق فيه ففي مَن إذن تستطيع أن تثق ؟" وعندئذ انتهى الإشكال من أمامي لأنني تحققت تماماً أن ذلك الشخص الذي هكذا أحبني حتى مات من أجلي يمكن الوثوق به ثقة مطلقة من جهة ظروف الحياة .
أيها الصديق تستطيع أن تثق في ذاك الذي مات لأجلك. تستطيع أن تثق في قيادته لك في الطريق الأفضل لك في هذا العالم. ثق أنه لن يخمد فيك فتيلة يجب إشعالها. ثق أنه ينفذ كل رغبة فيك لمجد الله ولخيرك العميم. ثق أنه لا يطلب منك إلا الطاعة التي تنتهي بأعظم بركة لحياتك ولملكوت الله. ثق أنه لن يسلبك شيئاً فيه منفعة لك بل ثق أنه يشبع بالخير عمرك ويكلل حياتك بملء غنى نعمته ومحبته.