ســــلامٌ لكم
(يو20: 19-21)
"سلامٌ لكم" هذه بلا شك كانت صيغة مألوفة من صيغ التحية ، وبين أولئك الذين كانوا يحبون التحيات في الأسواق تطورت هذه الصيغة إلى مجرد عبارة عرفية. ومع ذلك فهي تعبر عن الرغبة العامة في السلام.
ولكن من له أذنان للسمع فليسمع نفس هاتين الكلمتين كما خرجتا من بين شفتي الرب المقام في عشية "ذلك اليوم وهو أول الأسبوع". فلا تحية عرفية هنا ولا أنية عاطلة، بل بركة إلهية من ذلك الذي يتكلم بسلطان وليس كالكتبة.
إنه صوت ذاك الذي في عشية اليوم الأول من أسبوع قديم نطق بكلمات العظمة والقدرة قائلاً "ليكن نور" فكان نور في عالم مظلم. لقد قال فكان أمر فصار. ويالها من بركة لنا أن نتأمل في تلك القوة غير المحدودة الكائنة خلف هاتين الكلمتين "سلام لكم اللتين نطق بهما الرب لتلاميذه في يوم قيامته "ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه" فالسلام الحقيقي، ثمرة البر. فكل ماقام في طريق هذا السلام قد دين، والذبيحة المقبولة قد قُدمت وشخص الرب الذي هو الضحية المقدسة يعلن لأبصارهم الخاشعة برهان ماتحمل على الصليب حتى يعرفوا ويتمتعوا بسلام الله.
ياليتنا نتأمل كثيراً بالإيمان في "يديه وجنبه" لكي نفرح أيضاً إذ نرى الرب ونقدم له الحمد والسجود من كل القلب. "قال لهم يسوع أيضاً سلامٌ لكم. كما أرسلني الآب أرسلكم أنا" حقاً ليس كما يعطي العالم ولا كما يرغب العالم يعطينا الرب. فالسلام الذي يرجوه العالم يختلف تماماً عن ذلك الذي تمتع به تلاميذه.
هل كان بطرس ويوحنا حينئذ يتطلعان إلى حياة سهلة مريحة؟ هل كان في مقدورهما أن ينزويا في بقعة هادئة لتكون لهم حرية العيشة في "سلام" وهناءة وبلا هم ؟ نحن نعلم أن الأمر كان على العكس من هذا بالنسبة للأحد عشر. ولكن في حياتهم الحافلة بالخدمة والألم، لم يكن هناك شئ يستطيع أن يعكر صفو السلام الممنوح لهم والمضمون بالرب نفسه. "قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ" (يو33:16)