إننا لو حوّلنا الصليب إلى شيء جميل وإلى فلسفة رائعة للمحبة والتضحية وانكسار القلب بسبب عالَم لا يبالي، وتوقفنا عند ذلك كما فعل بعض اللاهوتيين،لكان فشلنا ذريعًا في فهم معنى الصليب. ولو استطعناا أن نستعرض آلام المسيح المُبرحة التي احتملها في جسده، وبرعنا في ذلك حتى جرت الدموع أنهارًا من مآقينا، ووقفنا عند هذا الحد، لَمَا فهمنا المعنى الحقيقي لصليب ربنا المعبود.
إن معنى الصليب الحقيقي يتلخص في أننا كنا خطاة. فكان للشيطان الذي يعرف قانون الله، كما يعرف أننا خطاة نجسون، حُجة المشتكي على كل واحد منا ( مز 109: 6 ، زك3: 1- 3). والله البار ما كان يمكنه تجاهل تلك الشكوى الصحيحة التي تستوجب موتنا. بهذا المعنى كان للشيطان سلطان الموت أو حجته علينا. فذهب المسيح البار ليموت مكان الخطاة، وليأخذ نيابةً عن التائبين المؤمنين الدينونة التي كانوا يستحقونها عدلاً.
لقد كانت المعضلة الكبرى هي: هل من الممكن أن يكون الله بارًا ومخلِّصًا في الوقت نفسه ( إش 45: 21 )؟ وكان حل تلك المعضلة الكبرى في الصليب. فذاك المصلوب على الصليب الأوسط كان بديلنا الكريم، الذي حَمَل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة ( 1بط 2: 24 ). وعلى رأسه القدوس وضع الله «إثم جميعنا». وبعد ساعات ثلاث من تعامل الله الديان مع المسيح يسوع، صرخ ـ تبارك اسمه ـ صرخة شقت الظلام «إلهي إلهي لماذا تركتني؟» وارتدت الصرخة بلا إجابة. فذاك الذي طوال خدمته على الأرض كانت السماء مفتوحة له، أمسَت وقتها مغلقة في وجهه. وذاك الذي من الأزل وإلى الأبد «في حضن الآب» ( يو 1: 18 ) نراه الآن في مشهد الظلمة بدون شعاع واحد من النور يصل إلى نفسه البارة لينعشها. لقد كان في تلك الساعات مُمثلاً للإنسان. ولهذا خاطب الله قائلاً: «إلهي إلهي».
نعم، دعنا نقف بنعال مخلوعة، وننظر في خشوع إلى البديل وإلى الكُلفة. فلقد أخذ الرب يسوع مكاني، ودفع ديوني. فيا للمخلِّص ويا لله!!