الرجل الذي يستخدمه الله
طالما فكرت في الصفات التي يجب أن تتوافر في الإنسان لكي يكون إناءً نافعاً ، متأهباً لخدمة السيد. فوجدت ، على قدر ما أراني الرب ، أنه يجب أن تتوافر فيه ثمان صفات جوهرية على الأقل. هذا وإني مقتنع تمام الإقتناع أن الله مستعد أن يستخدم أي شخص عنده الإستعداد لأن يتحمل الكلفة بغض النظر عن مواهبه ومميزاته، وإن كان لا يصل أحياناً إلى المقياس الذي وصل إليه غيره، ولكنه لابد أن يستخدمه الله إلى أقصى حدود طاقته ، وإلا فالعيب من الإنسان.
قد تكون الكلفة جسيمة، إلا أن الله في الغالب لا يعلنها كلها لنا دفعة واحدة بل ينتظر علينا حتى نصل إلى مستوى الذي فيه نصبح مستعدين لأن نضحي بأي شئ يطلب منا أن نضحى به ونضرع إلى الله قائلين "استخدمنا، ومهما تكن التكلفة، فنحن مستعدون أن ندفعها بسرور إن كنت تستخدمنا" فهل أنت أيها العزيز مستعد أن تدفع الثمن؟
الله يستخدم الرجل الذي ليس له في الحياة سوى غرض واحد أسمى
إن القلب المشتت الأغراض لا يمكن أن ينتج خدمة مرضية. لأن الرجل ذا الأغراض المتشعبة قلما ينجح في القيام بأية مهمة. فلكي ينجح الإنسان في أي عمل، عليه أن يتفرغ له، وأن يكرس له جل تفكيره، وأن يعطي له أكبر قسط من وقته. فالرجل الذي يوزع وقته بين عمله وبين طاولة الميسر مثلاً لا ينجح. والرجل الذي يحاول أن يمارس عملين معاً لا يمكنه أن يتقن واحداً منهما ولابد أن يفشل في كليهما "لايقدر أحد أن يخدم سيدين" (مت24:6.
هكذا مع من يستطيع الله أن يستخدمه، إذ يجب أن يشغل الرب وخدمته كل اهتمام الخادم وألا يرتبك بنير. إن سر نجاح الرسول بولس أن لم يكن أمامه سوى "شئ واحد" وكان شعاره "أفعل شيئاً واحداً" (في12:3). فبذل نفسه، دائباً ليلاً ونهاراً، لكي يعلن البشارة للجميع. وفي كتابته لابنه تيموثاوس يقول له "اهتم بهذا. كن فيه (بجملتك)" (1تي15:4).
ليس معنى هذا أن لا تكون لنا مهام أخرى في الحياة، إذ هناك ضرورات لا يمكن الإستغناء عنها. ولكن مانقصده أن نقلل من إرتباكات الحياة قدر المستطاع وأن نجعل الله وعمله الغرض الأسمى في حياتنا.